المهندس السيد طوبا يكتب: من شب على شيء
لا شك أن الثورة التكنولوجية الحادثة الآن تجعل الكثيرين منا متخلفين عن ركب التطور والعلم فكل يوم يخرج علينا ابتكار جديد واختراع حديث وبرنامج متطور أما المطابع فتطبع يوميا عشرات الآلاف من الكتب الجديدة ناهيك عن النظريات الجديدة فى الاقتصاد والعلوم والآداب وموجات جديدة من الثقافة والفنون أما البواحث الألكترونية فتضخ يوميا عشرات الآلاف من الأبحاث والمعلومات والكتب والجرائد الألكترونية حتى ما نمتلكه من حواسيب وهواتف وأجهزة منزلية وسيارات أصبحت تتقادم سريعا وتضحى من التراث وبالطبع مع دخول الجيل الخامس للانترنت ستصبح معظم الأجهزة الموجودة من التاريخ ومحلها المتاحف وبالتأكيد تزداد الفجوة بيننا وبين تلك الاختراعات الحديثة وغالبية كبار السن لا يستطيعون مواكبة ما يحدث من تطور أما متوسطى السن فكل ومقدرته العقلية على مواكبة العصر أما الشباب فيتلذذ ويستمتع بتلك التطورات المتلاحقة وهنا يبرز السؤال الأهم هل نتوقف عن مواكبة التطور ونتعلم اللحاق بالمستجدات أم نكتفى بالمشاهدة والتحسر على أيام زمان وتحضرنى مقولة هنرى فورد أن الانسان الذى يتوقف عن التعلم هو عجوز سواء كان فى العشرين أم الثمانين أى أن التعلم لا عمر له ويجب علينا جميعا كبارا شبابا وصغارا استمرار تلقى التعليم والتدريب وتحديث المعلومات ولا يقلل ذلك من شأن الانسان بل يرفعه الى مقامات عالية فاذا حدث وجلست مع مجموعة من الشباب يتحدثون بلغة العصر من تطورات وتطبيقات فلا تجد نفسك مثل الأصم فى الفرح ولا تخجل من السؤال عما لا تفهمه فخير لك أن تجهل مرة عن أن تعيش حياتك فى ظلام تام فايقاع الحياة أصبح سريعا جدا وعلينا جميعا محاولة مواكبة تلك السرعة وأذكر أننى حضرت مناظرة بين بريطانى وأمريكى فى الثمانينيات من القرن الماضى وكان البريطانى يتفاخر بتاريخ بريطانيا العظمى التى لا تغيب عن أراضيها الشمس بينما لقنه الأمريكى درسا فى التطور العلمى والتكنولوجى وأثبت له بالأرقام مدى تخلف بريطانبا العظمى الآن فى كافة المجالات العلمية والاقتصادية وأن زمن التفاخر بما كنا لم يعد له محل من الاعراب فى العصر الحديث لذا يجب علينا أن نتوقف عن نغمة كنا وكان ونحن أحفاد الفراعنة ونتفاخر بانجازات عبقرية ليس لنا فيها ناقة ولا جمل وغيرها من العبارات التواكلية والتى لا تسمن ولا تغن من جوع ولا تعبر عن حالنا المتخلف فى كافى المناحى فهناك معاهد متخصصة لتعليم البرمجيات وغيرها ولا تشترط سنا معينة للالتحاق بها وليس هناك مدعاة للخجل ان جلست فى الصف بجوار من هم فى سن أولادك أو حتى أحفادك فلا خجل فى العلم انما كل العار على الاستمرار فى الجهل فحضارة وتاريخ الأجداد المشرق يجب أن يكون حافزا لنا الآن فى التعلم والتطور والرقى حتى نصبح أجيالا يتفاخر بانجازاتها الأبناء والأحفاد وأيضا دافعا لهم للتطور والارتقاء ودحض المقولة الفاسدة من شب على شيئ شاب عليه فلا يمكن أن نشب على الجهل والتخلف ونشيب أيضا على الجهل والتخلف وباذن الله أرى مستقبلا مشرقا فى شبابنا وفى نفس الوقت أرى أملا فى كبارنا وعجائزنا لمحاولة اللحاق بقطار التطور الذى انطلق منذ أمد بعيد فى الوقت الذى انشغلنا فيه بالتنظير والتقعر وسفاسف الأمور والتغنى بأمجاد الأجداد.
